الأربعاء، 13 مارس 2013

محبة الله تعالى :

باسم الله الرحمان الرحيم:

:محبة الله تعالى : 

إن محبة الله عز وجل هي قوت القلوب.. وغذاء الأرواح.. وقرة العيون .. وسرور النفوس .. وروح الحياة.. ونور العقول...
 ومن حرمها فهو من جملة الأموات ..ومن فقدها فهو في بحار الظلمات .
إعلم رحمك الله تعالى أن حب الله تعالى شرط من شروط الإيمان قال الله تعالى: (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ))

 فقوله تعالى: (( والذين آمنوا أشد حبا لله )) يدل على أن حب الله ينبغي أن لا يساويه حب.. وأن حب الله لابد أن يستحوذ على القلب كله له وحده سبحانه وتعالى: فيكون حبه كنواة وما عداه يدور في فلكها كالمجموعة الشمسية .
قال تعالى: (( قل إن كانَ آباؤكُم وأبناؤكم وإخوانكُم وأزواجكُم وعشيرتُكُم وأَموالٌ اقترفتموها وتِجَارةٌ تَخشونَ كسادها ومساكنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إليكُم من اللهِ ورسولهِ وجَهَادٍ في سَبيلهِ فَتَربَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأمرهِ واللهُ لا يهدي القومَ الفَاسِقِينَ ))

دلت الآية: على أن حب الله وحب رسوله والجهاد في سبيله فرض وأنه لا ينبغي أن يكون شيء سواه أحب إلى أهل الإيمان منه.. وبمثل ذلك جاءت السنة :
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يوقد له نار فيقذف فيها )) رواه البخاري .
 قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: والله لا تبلغوا ذروة هذا الأمر حتى لا يكون شيء أحب إليكم من الله تعالى ومن أحب القرآن فقد أحب الله .

أولا: الأسباب التي تستجلب بها محبة الله تعالى:

1- معرفة أسماء الله وصفاته الذاتية والفعلية .
2- معرفة نعمه تعالى على عباده .
3- كثرة ذكره سبحانه وتعالى مع حضور القلب .
4- تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر .

قال سهل بن عبد الله: علامة حب الله حب القرآن .
5- الإخلاص لله تعالى في الأقوال والأفعال .
6- تذكر ما ورد في القرآن والسنة من رؤية أهل الجنة لله تعالى في الجنة وزيارتهم له تعالى واجتماعهم يوم المزيد والكلام معه تعالى بدون ترجمان ولا حجاب .
7- حب ما يحبه الله وبغض ما يبغضه الله تعالى .
8- موالاة أولياء الله عز وجل ومعاداة أعدائه . 


ثانيا:  الأسباب التي يستجلب بها العبد محبة الله له منها:

1- انكسار القلب وخضوعه لله تعالى في كل الأوقات .
2- متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأخلاقه ظاهراً وباطناً قال تعالى:

 (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ))
هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم :فإنه غير صادق في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله .
3- الإكثار من النوافل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما يزال عبدي يتقرب إلى بنوافل حتى أحبه )) رواه البخاري .
4- الخلوة به تعالى وقت نزوله سبحانه وتعالى في الثلث الآخر
من الليل كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له )) رواه البخاري ومسلم .‌
5- مجالسة الصالحين الصادقين .
6- الزهد في الدنيا فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أزهد في الدنيا يحبك الله )) رواه ابن ماجه والطبراني وصححه الألباني .


ثالثا: علامات محبة العبد لله تعالى : 

1- المداومة على ذكر الله بالقلب قبل اللسان .
2- الشوق إلى لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن لم يحب لقاء الله لم يحب الله لقاءه )) رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني .
3- الإكثار من تلاوة القرآن على جهة التلذذ والاستمتاع .
4- الرضا بقضاء الله في السراء والضراء
5- المتابعة المطلقة للرسول صلى الله عليه وسلم .
6- الخوف منه تعالى والبكاء على الخطيئة .
7- الرجاء في رحمته في حال الضعف .
8- الزهد في الدنيا . 


رابعا: محبة الله اسم لمعان كثيرة منها : 

أحدها : الاعتقاد أنه سبحانه وتعالى محمود من كل وجه لا شيء من صفاته إلا وهو مدحه له .
الثاني : الاعتقاد أنه محسن إلى عباده منعم متفضل عليهم .
الثالث : اعتقاد أن الإحسان الواقع منه عز وجل أكبر وأجل من أن يقابله قول العبد وعمله .
الرابع : أن تكون آماله منعقدة به عز وجل ولا يرى في حال من الأحوال أنه غني عنه تعالى .
الخامس : أن يحرص على أداء فرائضه والتقرب إليه من نوافل الخير مما يطيقه .
تأمل في ثمرة محبة الله لعبده: في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال: ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه قال: فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فابغضوه قال: فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض )) 

خامسا: الحب العرفاني:

هذا عند أهل الفقه : الذين شرحوا الأعمال الصالحة الموجبة لمحبة الله للمومن الحق وحب المومنين لله تعالى..
أما أهل العرفان فقد إختصوا في أذواق المحبة حتى قال بعضهم بأن الحب الإلهي لا يشرح: بل يذاق.... وفي سلوكهم رسموا لنا العديد من أحوال ومقامات الحب الإلهي رغم غلو بعضهم في هذا لحد محاولة إثبات أحوال التأله والفناء كمقامات رغم أنها فقط شطحات عند كل الأولياء الذين يومنون بأنه: لا حقيقة دون شريعة: ليحفظوا فقه الإحسان هذا من كل العقائد الدخيلة على صفاء : لا إله إلا الله...
وحتى نلمس معا مواجيدهم وأذواقهم إليكم هذه القصيدة لأحد العارفين الذي يفقه جيدا بأن حال الفناء في الله حال سكر وشطحات يتخطاها كل مومن حق كما يتضح من خلال أشعاره هاته:
***
الله قُل وذر الوجود وما حــــــوى
إن كنت مرتاداً بلوغ كمـــــــــــال
فالكل دون الله إن حققتـــــــــــــه
عدمٌ على التفصيل والإجمـــــــال
واعلم بأنك والعوالم كلـــــــــــها
لولاه في محوٍ وفي اضمـــــــحلال
من لا وجود لـــــذاته من ذاتــــه
فوجوده لولاه عيْنُ محـــــــــــال
فالعارفون فنوا ولمّا يشــــــهدوا
شيئاً سوى المتكبر المتعــــــــال
ورأوْا سواه على الحقيقة هالكــاً
في الحال والماضي والاستقبــال
فالمح بعقلك أو بطرفك هل تـرى
شـيئاً سوى فعل من الافعـــــــال
وانـظر إلى علو الوجود وســفله
نظراً تؤيده بالإســـــــــــــــتدلال
تجد الجميع يشيرُ نحو جــــلاله
بلــسان حال أو لسان مقــــــــــال
هــو ممسك الأشياء من عُلوٍ الى
سُـفلٍ ومُبـدعها بغير مثــــــــال
*****
 تضيق بنا الدنيــــــــــا إذا غبتم عنا
وتذهب باأاشـــــــــواق أرواحنا منا
فبعدكم مــــــوتٌ وقربكم حيـــــــــا
فإن غبتمو عنا ولو نفســــــاً مُتنا
نمــــــــــــوت ببعدكم ونحيا بقربكم
وإن جاءنا عنكم بشير اللقـــا عِشنا
ونحيا بذكركم إذا لم نـــــــــــــــراكم
ألا إن تذكــــــــــــار الأحبة ينعشنا
فلولا معانيكم تـــــــــــــراها قلوبنا
إذا نحن أيقاظ وفي النوم إن غبنـــا
لمُتنا أسى من بعــــــــــــدكم وصبابةً
ولكن في المعنى معانيــــــــــكم معنا
يُحركنا ذكر الأحــــــــــــــاديث عنكم
ولولا هواكم في الحشـــا ما تحركنا
فقل للذي ينــــــــهى عن الوجد أهله
إذا لم تذق معنى شـراب الهوى دعنا
إذا اهتزت الأرواح شوقاً إلى اللقــــا
تراقصت الأشبـــــاح يا جاهل المعنى
أما تنظر الطير المقفـــــــص يا فتى
إذا ذكر الأوطــــــــان حنّ الى المغنى
يُفرّج بالتـــــــــــــــــــغريد ما بفؤاده
فتضطرب الأعضاء في الحس والمعنى
ويرقص في الأقفاص شوقاً الى اللقا
فتهتز أربـــــــــــــــاب العقول إذا غنى
كذلك أرواح المحــــــــــــــبين يا فتى
تُهززُها الأشــــــــــواق للعالم الأسنى
أنلزمها بالصـــــــــــــبر وهي مشوقةٌ
وهل يستطيع الصبر من شاهد المعنى
إذا لـم تذق ما ذاقت الناس في الهوى
فبالله يا خـــــــــــالي الحشا لا تُعنفنا
وسلّمْ لنا فيما ادّعيْنا لأننــــــــــــــــا
إذا غلبــــــــــــت أشواقنا رُبما صحنا
وتهتز عند الاســـــــــــــــتماع قلوبنا
إذا لم نجد كتم المواجـــــــــيد صرّحْنَا
وفي السر أســـــــــــــرار دقاقٌ لطيفة
تُراقُ دمانا جهرةً إن بها بُحنـــــــــــا
فيا حادي العشــــــــاق قُمْ واحْدُ قائماً
وزمزم لنا باسم الحبيــــــــب وروّحْنا
وصُنْ سرنا في سكرنا عن حســــودنا
وإن أنكرت عينــــــــاك شيئاً فسامحنا
فإنا إذا طبــــــنا وطـــابت نفوسنـــــــا
وخامرنا خمر الغــــــــــــــرام تهتكنــا
فلا تلم الســـــــكران في حـــــال سكره
فقد رُفع التكليف في سكرنا عنــــــــا
وإليك أخي بعض إبتهالات المحبة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق